
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآياتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ}، الملأ كبار الشخصيات في دولته، القادة والوزراء والوجهاء {فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائيلَ} (الأعراف:103- 105)، أليست هذه تعتبر عبارة جريئة أمام فرعون؟ أمام فرعون الذي كان يلزم الآخرين إلى أن يجعلوه إلهاً، ويدينوا بأنه رب لهم، موسى يأتي ليواجهه بالعبارة هذه: {يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} لا يمكن أن أفتري عليه، لا يمكن أن أكذب عليه، ملزم بأن لا أقول عليه إلا الحق {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائيلَ قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (الأعراف:106) .
لاحظ هنا أليس موسى محاطاً بعناية إلهية؟ فرعون يتجه إلى أن يقول له: {إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا} فرعون لم تكن طريقته بهذا الشكل، طريقته قمعية، كان المفروض أن يقول: امسكوه، كيف تقول لي هكذا: يا فرعون إني رسول من رب العالمين، يأخذونه ويقتلونه، وليس فقط يسجنونه، فهذا مظهر من مظاهر أن الله غالب على أمره، وأن بإمكان الناس أن يعملوا بدينه إذا ساروا على طريقته في أي وضعية كانوا، في أي وضعية كانوا.
اقراء المزيد